اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 501
ليضل به عموم اهل الحق عن طريقه
يا أَبَتِ إِنِّي من كمال اشفاقى وعطفي أَخافُ عليك أَنْ يَمَسَّكَ وينزل عليك عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ المنتقم لأصحاب الضلال والطغيان بدل الثواب والغفران فَتَكُونَ حينئذ بشقاوتك وطغيانك لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا صديقا وللرحمن عدوا ببغيك وعصيانك له سبحانه ومتابعتك لعدوه
ثم لما تمادى مكالمة ابراهيم مع أبيه ومحاورته على سبيل النصح والتذكير قالَ له أبوه مقرعا عليه مهددا له مضللا إياه أَراغِبٌ معرض برئ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي ومعبوداتى مع ان عبادتهم اولى وأليق بحالك يا إِبْراهِيمُ ان خير الأولادان يتسع إياه في الدين سيما قد سلف أجدادك على هذا وأنت قد استنكفت عن عبادة آلهتنا انته عن اعتقادك هذا والله لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ ولم تمتنع عن اعتقادك لَأَرْجُمَنَّكَ واقتلنك بالأحجار على رءوس الاشهاد فمع من عندي وَاهْجُرْنِي واتركني مَلِيًّا زمانا طويلا بلا ابن وولد فان عدمك خير من وجودك بهذا الاعتقاد فان ندمت عن اعتقادك هذا ورجعت الى ما كنا عليه من قبل يعنى عبادة الأصنام فارجع إلي تائبا من هذياناتك والا فاذهب لا علاقة بيني وبينك فانا برئ منك ثم لما رأى ابراهيم عليه السّلام شدة عبه وضلاله ورسوخ جهله وطغيانه
قالَ مسترجعا الى الله مودعا عليه مسلما سَلامٌ عَلَيْكَ اى سلامى عليك يا ابى اهجرك باجازتك بي الا انى سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ينقدك من أوزار الشرك ويوصلك الى مرتبة توحيده شكرا لابوتك لي ورعاية لحضانتك على والتجئ نحو الحق والود به من الشرك الذي قد هددتنى به إِنَّهُ سبحانه قد كانَ بِي حَفِيًّا مشفقا رحيما يحفظني من شرّك ومن شر عموم من عاداني
وَمتى لم يفد لك نصحى ولم ينفع لك تذكيري ووعظي أَعْتَزِلُكُمْ اترككم على ما أنتم عليه وَايضا اترك ما تَدْعُونَ وتعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ اتبرأ منهم وَأَدْعُوا رَبِّي الذي رباني بفضله بالإيمان وأوصلني بلطفه الى فضاء التوحيد والعرفان واعبد إياه وأطيعه في عموم الأوقات والأحيان عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي والتوجه نحوه والتحنن اليه شَقِيًّا خائبا خاسرا عن رحمته ذا شقاوة جالبة لسخط الله وغضبه
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وبعد عنهم واختار الغربة والفرار من بينهم وَترك عبادة ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأوثان والأصنام وَهَبْنا لَهُ من مقام جودنا وفضلنا إياه إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ليؤانس بهما ويدفع كربة الغربة بصحبتهما وَلنجابة طينتهما وكرامة فطرتهما كُلًّا منهما قد جَعَلْنا نَبِيًّا مهبطا للوحى والإلهام من لدنا مثل أبيهما وسائر الأنبياء
وَبالجملة قد وَهَبْنا لَهُمْ اى لإبراهيم وولديه مِنْ سعة رَحْمَتِنا ووفور جودنا للأموال والأولاد والجاه والثروة الى ان صاروا مرجع الأنام وحاكميهم في عموم الاحكام الى يوم القيمة وَايضا قد جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ اى جعلنا ثناءهم ومدحهم العائد إليهم عن ألسنة عموم البرايا ثناء صدق وتحقيق لا مجرد خطابة وتحنن كثناء سائر الملوك والجبابرة لذلك قد صار ثناؤهم عَلِيًّا مظهرا لعلو مرتبتهم وشأنهم الى انقراض النشأة الاولى كل ذلك ببركة دعاء أبيهم ابراهيم عليه السّلام وباجابة الحق له حيث قال في مناجاته مع ربه واجعل لي لسان صدق في الآخرين
وَاذْكُرْ يا أكمل الرسل فِي الْكِتابِ المنزل عليك مُوسى الكليم وقصة انكشافه من الشجرة المباركة إِنَّهُ من كمال انكشافه وشهوده بوحدة الحق إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً قد خلص حسب لاهوته للتوحيد وصفا عن إكدار ناسوته مطلقا وَبالجملة قد كانَ رَسُولًا مرسلا الى بنى إسرائيل للإرشاد والتكميل مؤيدا بالكتاب وانواع المعجزات نَبِيًّا ايضا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 501